ليت دولة عربية أنجبت بطلًا مثل خامنئي ..
من وحي الأيام
ليت دولة عربية أنجبت بطلًا مثل خامنئي ..
محمد نعمان الدين الندوي
لكناؤ، الهند
تلقيت صباح اليوم - عبر الواتساب - رسالة من أحد الأفاضل المحترمين، يثني فيها على مقال كتب حول الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ويختمها بقوله : " ولكني أنتظر المقال : ليت دولة عربية أنجبت بطلًا مثل خامنئي .. " ..
لما قرأت هذا السطر الأخير، فاضت خواطري، وتحرك قلمي، فبدأت أقيد الخواطر والأفكار - التي أسفر عنها هذا العنوان المقترح - قبل أن تمحي من الذهن، وتشغل عنها مهام ومسؤليات الحياة ...
هنا لا بد من الاعتراف بالحقيقة الصارخة، التي يعني إنكارها إنكار ضوء الشمس في رابعة النهار ..
وليس يصح في الأفهام شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
الحقيقة أن إيران قامت وحدها بما لم تستطع الدول العربية والإسلامية القيام به مجتمعة قط ..
إنها - إيران - رفعت رؤوس ملايين الملايين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فخرًا وشرفًا .
إنها - في الواقع - أثلجت صدور المؤمنين، بل صدور جميع الأحرار المنصفين في العالم كله ..
إنها ولأول مرة في تاريخ العدو الأسود، كبدته من الخسائر ما لم يحلم به قط ..
إنها - إيران - مرغت شرف العدو المزعوم في التراب، وحولت قوته الأسطورية كذبة كبرى وسرابًا للصحراء ..
إنها لم تُخضِع العدو فقط، وحولت أهم مدنه أطلالًا وأنقاضًا، وملأت قلبه رعبًا وهلعًا، و جعلت حياته جحيمًا وعذابًا، لم تفعل ذلك فحسب .. ، بل وأزالت هيبة مربيه الأكبر وحاضنه الأقوى ومحتمل دلاله : " أمريكا " ، وقاومت غطرستها بكل شجاعة وبسالة، وواجهت إملاءاتها بـ : " لا " .. ، وأعلنت مدوية مجلجلة : لن نستسلم .. لن نخضع .. بل وأجبرت أمريكا - القوة العظمى - على الاستسلام والخضوع، و جعلتها تتضرع وتقول : فضلًا أوقفوا الحرب !
بعض الناس يغالطون ويحاولون من تقليل أهمية الانتصار العظيم الذي أحرزته إيران بأن الحرب كانت بين باطلين أو بين السنة والشيعة ..
كلا .. إنها - الحرب - كانت بين الظالم والمظلوم ..
إنها كانت بين الظالم الأكبر في تاريخ الدنيا كلها ..
الظالم الذي كان ولد بالظلم، ونشأ وترعرع على الظلم، وسُلّط ظلمًا وعدوانًا، يجثم على صدر الأمة العربية، ويدوس مقدسات المسلمين، ويمارس منذ أن ولد - بالعملية القيصرية - من أبشع أنواع الظلم ما يشيب لهوله الولدان ..
وبين المظلوم الذي عبارة عن الأمة الإسلامية عمومًا والعربية خصوصًا ..
وهنا تساؤل يثيره - بحق و جدارة - كثير من الناس. :
لماذا لم تقم الدول العربية بما قامت به إيران من هذا التصدي للعدوان الإسرائيلي وكيله الصاعَ بالصاعين بل بالأصوع .. فجعلته يرى النجوم في النهار ( كما يقول المثل الأردي )
لماذا لم يأت مثل هذا التصدي وهذا الرد المسكت المذل من الدول العربية وخاصة المجاورة - منها - لإسرائيل ، رغم أنها كانت أولى بهذا التصدي الشجاع والرد الرادع، لكونها أول من تكتوي بنار ظلم إسرائيل، وتذوق ما تذوق من عدوانها منذ أن ولدت وليدًا غير شرعي من عدة آباء شاركوا في توليدها وتنشئتها منذ أول يومها ...
لماذا عقمت الأمهات العربيات عن إنجاب الأولاد الأبطال الشجعان الذين كانت تنجبهم في الماضي .. ؟
تلك الأمهات التي سئلت إحداهن عن أفضل أبنائها، فأجابت : " هم كالحلقة المفرغة، لا يدرى أين طرفاها " ، تريد أن تقول : هم في تناسبهم في الشرف والشجاعة، وعدم تفاوتهم فيها، بحيث يمتنع تفضيل أحدهم على الآخر ...
هذا .. عندما كانت تقول المرأة العربية لزوجها إذا خرج للعمل : إياك والكسب الحرام، فإننا نستطيع الصبر على الجوع، ولا نستطيع الصبر على النار ..
وحينما كانت الأم العربية تتقي الله، وتربي أولادها على أخلاق الإسلام، ولم تك تسهر لياليها في سماع الأغاني الحرام ومشاهدة الأفلام الماجنة، ولا كانت تلهث وراء أحدث الموضات في الملابس والعادات، و .. و ....
لقد أثبتت إيران أنه يمكن بالهمة والشجاعة ما يراه الناس غير ممكن ...!
رغم ما بيننا وبين أهل إيران من الخلاف ما ليس بخاف على أحد ...
ولكننا رغم ذلك كله .. نقول : إنها فعلت ما كان يراه الناس مستحيلًا ..
إنها هزمت إسرائيل هزيمة نكراء، لا يغسل عارها ولا يستدرك ضررها سنين طوالًا ...
ولكن لنا شكوى من إيران .. لماذا لم تشترط - على العدو - لوقف إطلاق النار، وقفَ العدوان المستمر على غزة ...؟
لو فعلت ذلك .. لكسبت قلوب أهل غزة، بل قلوب جميع أبناء الإسلام، واستحقت دعاءهم، ولحسمت القضية حسمًا نهائيًّا، وبذلك كانت دقت آخر مسمار في نعش الظلم الإسرائيلي، و لكانت - بذلك - سجلت اسمها في التاريخ للأبد: دولةً انتصرت للحق، وهزمت أكبر ظالم !
يا ليت .. يا ليت .. !!
( الجمعة : غرة محرم ١٤٤٧ھ = ٢٧ من يونيو - حزيران - ٢٠٢٥ ) .
تعليقات
إرسال تعليق