لا . . لا . . ما حصلنا على الحرية " بهيكاً "
من وحي الأيام :
لا . . لا . .
ما حصلنا على الحرية " بهيكاً "
ده مش معقول .. يا بنت الهند !
[ تعرضت أمس ممثلة بالي وود الشهيرة : "كنغنا رناوت " التي تم انتخابها - أخيرًا - عضوًا للبرلمان الهندي الجديد، لحادث مؤسف، أسفر عنه بعض تعليقاتها .
وقد ذكرني هذا الحادث بتعليق آخر لها، كان حرك قلم الكاتب، فكان صدر عنه مقال، رد فيه على تعليقها الذي كان صدم قلوب ملايين الملايين من الهنود وجرح مشاعرهم .
يرى الكاتب أن يعيد نشر المقال للمناسبة ... ] :
بات الإنسان - في هذه الأيام - لا يكاد يصدق ما ترى عينه ، و كذلك لا يكاد يصدق ما تسمع أذنه . . !
فيخيل للإنسان - لغرابة ما يرى و يسمع - أنه لا يعيش في عالم” الإنسان “ الذي كرمه الله و فضله بالعقل على سائر مخلوقاته، و خلقه في أحسن تقويم. ولكنه - للأسف - صار في الآونة الآخرة مصداقا لقوله تعالى : { ثُمّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سَافِلِيْن } .
نعم إن الإنسان انحط إلى الدرك الأسفل من الخلق و السلوك و التعادي و التباغض و التنافر .
فكأن الناس قد جن جنونهم في هذا العصر الهائج المائج بالغرائب و العجائب .. فيأتون من الحركات و الأفاعيل ما تستحي منه العجماوات والبهائم و الضواري من الحيوانات و السباع ، و يتفوهون بما يشاءون من الهراء و البذاء، و من الأقوال التي لا تمت بصلة ما إلى العقل و الرشد و الصواب . . ، و إنما هي تنم عن بغض بغيض، أو حب يعمي عن رؤية حتى بدائه الأشياء ( حبك الشئ يعمي و يصم ) ، أو جهل تام بالتاريخ ، أو محاولة ممجوجة لمسخ التاريخ بل للقضاء عليه و محوه كليا . .
هذا. فكما يكون القراء قد عرفوا و سمعوا ما أدلت به الممثلة الهندية ” كنغنا رناوت “ المعروفة ببياناتها اللاعقلانية، المسيئة - خاصة - إلى الإسلام والمسلمين - أخيرا من البيان المبكي المضحك ” و شر البلية ما يضحك “ الذي قالت فيه : " إن الحرية التي حصلنا عليها سنة ١٩٤٧م لم تكن حرية ، و إنما كانت ” بهيكًا “ (أي استجداء و تسولا )... ، و إنما الحرية الحقيقية هي الحرية التي حصلنا عليها سنة ٢٠١٤م . ." ( أي حينما تولى مودي أمر البلاد ).
إنه بيان يرفضه حتى بعض أعضاء الحزب الحاكم نفسه ممن لم يفقدوا التعقل بتاتا، ولا تزال فيهم بقية باقية من الوعي والغيرة .
إن هذا البيان إن دل على شيء فإنما يدل على جهل تام بالتاريخ، أو التعصب الممقوت أو الانحياز السافر المفضوح العجيب - لرجل أو حزب أو طائفة - الذي يعمي الأبصار . . ويفقد العقول عملها المنوط به .
ليس هناك امتهان ولا انتقاص ولا إساءة - إلى حرمة التضحيات الجبارة التي بذلت في سبيل استرداد الحرية - أشد و لا أشنع من ذلك . .
أنا على يقين بأن أرواح الآلاف المؤلفة من " أبطال التحرير " تكون قد تململت و جزعت و تأذت بهذا البيان المؤلم.
إن هذا البيان مرفوض تاريخيًا و عقليًا و منطقيًا . .
فالحرية لا تنال هبة أو عطاء أو استجداء أو مجانا... إنها تؤخذ بأثمان باهظة يدفعها الشعب المحتل من دمائه القانية و تضحياته الضخمة ، تؤخذ بالقوة . . بقوة الحجة و الكلام ، و قوة اليد ، و شجاعة الشجعان ، و رجولة الرجال، و عزم أولي العزم ، و غيرة الغيارى ، و تضحيات الأبطال...
إن الذي ينكر ضوء الشمس في رابعة النهار ...، لسنا في حاجة إلى مخاطبته، أو تقديم الدلائل له على كون الشمس طالعة مشرقة... بل المنكر - نفسه - يحتاج إلى أن ندعو الله له أن يُبعد عنه العمى، و أن يمنحه عينا باصرة، فلا ينكر ضوء الشمس إلا الأعمى الذي لا يميز بين النور و الظلام ، و الليل و النهار .
يأخذني العجب العجاب على المدلية بهذا البيان المخزي المحبط للجهود التي استمرت نحو قرن لاسترداد الحرية، فهي امرأة متعلمة مثقفة تُعرف بكونها من أشهر الممثلات ، و من أكثر النجوم لمعانا في عالم السنيما ، كيف تجهل تاريخ بلادها ؟ ألم تقرأ في المناهج الدراسية تاريخ تضحيات المضحين بنفوسهم و نفائسهم في تحرير البلاد من براثن المستعمرين ؟
إن تاريخ الحرية يتلألأ بذكر تضحيات الكثرة الكاثرة من إخواننا الهندوس و علمائنا و شبابنا و شيوخنا..
أ لم تسمع الممثلة اسم محمود حسن الديوبندي، و حسين أحمد المدني، و أبوالكلام آزاد ، و غاندي ، و نهرو ، و بهكت سنغ، و سبهاش جندر بوس، وغيرهم - ممن لا يعد و لا يحصى - من جنود الحرية و روادها ممن يتجمل بهم تاريخ حريتنا.
أما مساهمة المسلمين في معركة تحرير بلاد الهند فلهم فيها نصيب الأسد !
إن كل قرية و مدينة تشهد بتضحيات المسلمين في معركة التحرير..
فبعد فشل ما سمى ثورة ١٨٥٧م حولت معظم أشجار دلهي القديمة مشانق ، علق عليها آلاف العلماء خاصة والمسلمين عامة، فيروى التاريخ أنه لم يكن هناك عالم ، أو رجل كان للدين عليه أثر إلا و اعتقله الإنكليز و شنقوه .
والحقيقة أن المسلمين والهنود كلهم شاركوا في معركة التحرير متكاتفين متعاضدين.... لم يقصروا و لم يضنوا بتقديم ما استطاعوا من النفس والنفيس والمال.
فالقول بأن الحرية التي حصلنا عليها سنة ١٩٤٧م كانت استجداء..أو مجانا أو بلا ثمن... قول عار من الصحة و العقلانية تماما .. ، ومرفوض تاريخيًا و واقعيًا..، والحكومة لا تزال تصرف - لحد الآن - مكافأة محترمة للذين لا يزالون على قيد الحياة ممن يسمون - احتراما - بـ : "مجاهدي الحرية “ اعترافا منها بإسهاماتهم المشرفة و تقديرا لصنائعهم في معركة التحرير.
على الحكومة أن تحاسب أصحاب هولاء الهراء حسابا يكون رادعا للآخرين من المسيئين إلى تاريخنا المجيد ، وتحاول إلجامهم، و منعهم من إصدار مثل هذه البيانات الفاضحة التي تسبب عارا و خزيا للبلاد لا على المستوى المحلي، بل على المستوى العالمي؛
(محمد نعمان الدين الندوي)
تعليقات
إرسال تعليق