المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2024

حاضر الأمة بين ماضيها المشرق ومستقبلها المرجوّ

  من وحي الأيام : حاضر الأمة بين ماضيها المشرق ومستقبلها المرجوّ محمد نعمان الدين الندوي         لكنؤ، الهند هناك أمثلة متشابهة معنىً :  « جاوز الحزام الطبيين » ، (١) و : « بلغ السيل الزبى » ، و : « جرى الوادي فطم على القرى » . يستخدم العرب هذه الأمثلة حينما تشتد الخطوب،وتبلغ الأزمات نهايتها الخطرة، حتى تصل الأمور فيها إلى حد، لا يمكن السكوت عليه، فينفد الصبر، وقد ينفجر المصاب بالأزمة قائلًا : « بلغ السيل الزبى » . (٢) فلا تستخدم هذه الأمثال إلا في الأوقات الحرجة التي تبلغ فيها من الخطورة بمكان، تكاد تنسد فيه للإنسان الطرق، ويصعب - أو يستحيل - الانفراج عن مخرج ، وتستحكم الأزمة بحيث لا يبقى للنجاة منها أمل ..   * * * تصوروا محاصرة صهر الرسول صلى الله عليه وسلم سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه .. إذا قرأ الإنسان تفاصيلها لم يملك عينيه .. ويفقد السيطرة على دموعه .. بل يكاد يفقد شعورَه ووعيَه لهولها - تفاصيل المحاصرة - وبشاعتها ووحشيتها، فقد منعوا منه حتى الطعام والشراب ..  هنالك .. حينما انقطع الرجاء من كل جانب، وخذل الجميع، وبلغت خطورة الأ...

وانتهت إليه رئاسة النبلاء !

  على مائدة العلم والأدب : وانتهت إليه رئاسة النبلاء ! محمد نعمان الدين الندوي  لكنؤ، الهند     لعل البعض من القراء يستغربون التعبير الذي جعلته عنوانًا للمقال، لأن التعبير السائد المعروف : " انتهت إليه رئاسة المحدثين" أو : "رئاسة الفقهاء " وما إلى ذلك !  لكنني تعمدت اختيار هذا التعبير ... إذ لم أجد أروع منه ولا أوفى بوصف صاحبنا الكريم - الذي أريد أن أتحدث عن إحدى خصائصه في هذه السطور - ، وهي النبل والمروءة ..   فقد كان صاحبنا - بحق - خاتم النبلاء الشرفاء، وانتهت إليه مكارم الكرماء ..   والله .. لو حلف أحد ممن رآه أنه لم ير في حياته أنبل منه ولا أكرم .. لم يحنث :  حلف الزمان ليأتين بمثله  حنثت يمينك يا زمان فكفر !                   لقد كان صاحبنا - عليه رحمات الله - عجنت طينته بالنبل، ورضع بلبان النبل، وتغذى بالنبل، وعاش بالنبل، وله، وفيه، فلو كان للنبل والفضل والمروءة صورة .. لكان صاحبنا تلك الصورةَ .. فالنبل كان لحمتَه وسداه، وروحَ حياته، وحياةَ روحه، فكأنه كان فطر من طينة نقيّ...

هنيئًا لقافلة الشهداء هذا القادم الجديد

  من وحي الأيام : هنيئًا لقافلة الشهداء هذا القادم الجديد محمد نعمان الدين الندوي            لكناؤ، الهند  { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل احياء عند ربهم يرزقون } . ما زالت سلسلة " الشهادات" في سبيل الله .. دفاعًا عن فلسطين والمسجد الأقصى تتواصل تباعاً .. فتُشَرِّف الأمة وترفع رأسها عزة وشرفًا، كما تزيد العدو حنقًا وقلقًا .. وتطير نومه وتقض مضجعه .. وترغمه على مراجعة حساباته ..  فقد انضم - أخيرًا - إلى قافلة الأحرار الشهداء السعداء، البطلُ المغوار يحيى السنوار الذي تلقى الشهادة في قلب المعركة.. وهو يقاتل الأعداء وجهًا لوجه .. يتحدى طغيانهم ويبارز عدوانهم .. بعد أن أذاقهم الصاب والعلقم .. وجرعهم من مرارة المقاومة ما جرعهم ..  تلقاها سعيدًا بها إلى أقصى ما تبلغ السعادة، راضيًا عنها كأحسن ما يكون الرضا .. لأنها كانت أسمى أمانيه ..  لقد سقط القائد في المعركة .. سقط وعلى رأسه تاج الكرامة، وعلى صدره وسام الشهادة، وهو أعلى وسام يناله المسلم في هذه الدنيا .. ، سقط وعلى وجهه فرحة الاعتزاز بهذا الموت الذي طالما تمناه .. وعلى ل...

بين أحلام اليقظة وأضغاث المنام ..

  على مائدة العلم والأدب : بين أحلام اليقظة وأضغاث المنام .. محمد نعمان الدين الندوي        لكناؤ، الهند رحم الله أستاذنا الجليل الشيخ واضح رشيد الحسني الندوي رحمه الله رحمة خاصة .. ، فقد كان أستاذًا مثاليًّا بمعنى الكلمة .. أستاذًا لم أر مثله حريصًا على تنمية مواهب الطلاب وإبراز ملكاتهم، وصقل صلاحياتهم، وحثهم على اكتشافِهم لأنفسِهم هُم .. لأن اكتشاف الإنسان لما حباه الله به من : « صلاحية خاصة » و « قدرة متميزة » ، حجرُ الأساس أو اللبنة الأولى في بناء الشخصية، وتكوينِ الذات، وطريقِ الصعود إلى ما يتوخاه الإنسان من المجد والرفعة .  فكان - رحمه الله - يتفنن في ذلك .. ويبتكر أساليب ومناهج طريفة مفيدة، تصب كلها في نفعِ الشباب والطلاب، ودَفعِهِم إلى الجِدّ والعمل، وتفعيلِ قدراتهم ، وتحريكِ أذهانهم، وتنشيطِ عقولهم، وتفجيرِ قرائحهم، وتعويدِهِم على التفكير والتأمل والنظر، وإحداثِ التنافس والتسابق فيما بينهم .. ، فبدون التنافس لا يمكن السبق والتقدم، وقد رغّب القرآن الكريم - أيضًا - في المبادرة إلى الخير : { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } . « والدنيا دار سباق إلى المعا...

مصادر قديمة وجديدة - في بيان البلاغة النبوية

  على مائدة العلم والأدب : مصادر قديمة وجديدة في بيان البلاغة النبوية محمد نعمان الدين الندوي         لكناؤ، الهند *[ هذا المقال مقدمة لباكورة تأليفاتي : " الروائع والبدائع في البيان النبوي " ، الذي هو - في الأصل - رسالة كنت كتبتها لنيل شهادة : " الفضيلة " - من قسم الحديث الشريف - تحت إشراف فضيلة الشيخ واضح رشيد الحسني الندوي رحمه الله عميد كلية اللغة العربية بندوة العلماء سابقًا*.  *وقد صدر لهذا الكتاب ثلاث طبعات، طبعتان عن دار الصحوة بالقاهرة،* *( الأولى : ١٤١٧ھ - ١٩٩٦م ،والثانية : ١٤١٩ھ - ١٩٩٨م )* .  *وطبعة عن دار الشهاب بدمشق، ( ١٤٢٠ھ - ١٩٩٩م )* . *والكتاب يزدان بمقدمة جليلة قيمة لسماحة الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله، الذي يرجع إليه الفضل الأكبر - بعد الله - في طبع الكتاب* *وصدوره عن العاصمتين العربيتين*، *فما كان لطويلب مغمور خامل الذكر - مثلي - أن يطبع كتابه هناك، لو لم تشفع له مقدمة الشيخ الندوي رحمه الله* *وجزاه عني وعن سائر الأمة خير ما يجزي به عباده الصالحين*. *والحمد لله رب العالمين ]* . * * * الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان...

كأنما قضى الله أن نعيش صعاليك على تقاليد الأمم .. ؟

  من وحي الأيام : كأنما قضى الله أن نعيش صعاليك على تقاليد الأمم .. ؟ محمد نعمان الدين الندوي          لكناؤ، الهند التميز والاصطفاء من خصائص الأمة الإسلامية .. فكتابها - القرآن الكريم - أكمل كتاب نزل، ورسولها محمد - عليه الصلاة والسلام - أعظم رسول بعث .. ، وصحابته - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - أفضل جيل بشري بعد الأنبياء عليهم السلام، فكانوا أبر الناس قلوبًا، وأعمقهم علمًا، وأقلهم تكلفًا .. وهذه الأمة - كذلك - ليست أمة عادية، بل رفع الله قدر ها، وأعلى شأنها وفضلها على سائر الأمم : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } .. فهي أمة شامة بين الأمم .. أمة متميزة بسماتها.. فكأنها واسطة العقد .. أو بيت القصيد .. أو كالتاج على رأس الملك .. والغرة في وجه الفرس .. أمة أغناها الله وأثراها، أغناها بكتاب ربها، وأثراها بسنة نبيها ..  و إن في هذين المصدرين الطاهرين الصافيين لغَناءً للأمة كل الغناء عن الالتفات والنظر إلى اليمين واليسار، أو عن الاحتياج إلى التقليد والمحاكاة .. فضلًا عن التسول والاستجداء .. ففيهما كل خير وسعادة .. وحل كل مشكلة .. وإنارة للطريق.. وهداية للحيا...